فصل: سورة الشعراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (27- 32):

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}
{ويوم يعض الظالم} الكافر، يعني: عُقبة بن أبي مُعَيط كان قد آمن ثمَّ ارتدَّ لرضى أُبيّ بن خلف {على يديه} ندماً وتحسُّراً {يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً} طريقاً إلى الجنة بالإِسلام.
{يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً} يعني: أُبيَّاً {خليلاً}.
{لقد أضلني عن الذكر} القرآن {بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً} عند البلاء. يعني: إنًّ قبوله قول أُبيِّ بن خلف في الكفر كان من عمل الشيطان.
{وقال الرسول} في ذلك اليوم: يا {ربِّ إنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} متروكاً أعرضوا عنه.
{وكذلك} وكما جعلنا لك أعداءً من المشركين {جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوَّاً من المجرمين وكفى بربك هادياً} يهديك وينصرك، فلا تُبالِ بِمَنْ يعاديك.
{وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدة} أَيْ: لم نزل عليه متفرِّقاً؟ وهلاَّ كان دفعةً واحدةُ كالتَّوراة والإِنجيل؟ قال الله تعالى: {كذلك} فرَّقنا تنزيله {لنثبت به فؤادك} لِنُقوِّيَ به قلبك، وذلك أنَّه كلَّما نزل عليه وحيٌ جديدٌ ازداد هو قوَّة قلبٍ {ورتلناه ترتيلاً} بيَّناه تبييناً في تثبُّتٍ ومهلةٍ.

.تفسير الآيات (33- 39):

{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)}
{ولا يأتونك} يعني: المشركين {بمثل} يضربونه في إبطال أمرك {إلاَّ جئناك بالحق} بما يردُّ ما جاؤوا به المثل {وأحسن تفسيراً} بياناً وتفصيلاً ممَّا ذكروا.
{الذين} أَيْ: هم الذين {يحشرون على وجوههم} يُمشيهم الله عليها، فهم يُساقون على وجوههم {إلى جهنم أولئك شرٌّ مكاناً وأضلُّ سبيلاً} من كلِّ أحدٍ.
{ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً} أَيْ: مُعيناً وملجأ.
{فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذَّبوا بآياتنا} وهم القبط، فكذَّبوهما {فدمَّرناهم تدميراً} أهلكناهم إهلاكاً.
{وقوم نوحٍ لمَّا كذَّبوا الرسل} مَنْ كذَّب نبيَّاً فقد كذَّب الرُّسل كلَّهم؛ لأنَّهم لا يفرِّقون بينهم في الإيمان بهم. {أغرقناهم وجعلناهم للناس آية} عبرة {وأعتدنا للظالمين} في الآخرة {عذاباً اليماً} سوى ما ينزل بهم من عاجل العذاب. وقوله: {وأصحاب الرَّسِّ} كانوا أهل بئرٍ قعودٍ عليها، وأصحاب مواشٍ يعبدون الأصنام، فأُهلكوا بتكذيب نبيِّهم {وقروناً} وجماعاتٍ {بين ذلك} الذين ذكرناهم {كثيراً}.
{وكلاً ضربنا له الأمثال} بيَّنا لهم الأشباه في إقامة الحجَّة عليهم {وكلاًّ تبرنا تتبيراً} أهلكنا إهلاكاً.

.تفسير الآيات (40- 52):

{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)}
{ولقد أتوا} يعني: مشركي مكَّة {على القرية التي أمطرت مطر السوء} يعني: الحجارة، وهي قرية قوم لوطٍ {أفلم يكونوا يرونها} إذا مرُّوا بها مسافرين فيعتبروا {بل كانوا لا يرجون نشوراً} لا يخافون بعثاً.
{وإذا رأوك إن يتخذونك إلاَّ هزواً} ما يتَّخذونك إلاَّ مهزوءاً به، ويقولون: {أهذا الذي بعث الله رسولاً} إلينا؟
{إن كاد} إنَّه كاد {ليضلنا عن آلهتنا} فيصدُّنا عن عبادتها {لولا أن صبرنا عليها} لصرفنا عنها.
{أرأيت من اتخذ إلهه هواه} وهو أنَّهم كانوا يعبدون شيئاً حجراً، أو ما كان، فإذا رأوا حجراً أحسن طرحوا الأوَّل وعبدوا الأحسن، فهم يعبدون ما تهواه أنفسهم {أفأنت تكون عليه وكيلاً} حفيظاً حتى تردَّه إلى الإِيمان، أَيْ: ليس عليك إلاَّ التبليغ. وقيل: إنَّ هذا ممَّا نسخته آية السَّيف.
{أم تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون} سماع تفهيم {أو يعقلون} بقلوبهم ما تقول لهم: {إن هم} ما هم {إلاَّ كالأنعام} في جهل الآيات وما جعل لهم من الدَّليل {بل هم أضلُّ سبيلاً} لأنَّ النَّعم تنقاد لمن يتعهده، وهم لا يطيعون مولاهم الذي أنعم عليهم.
{ألم ترَ} ألم تعلم {إلى ربك كيف مدَّ الظلَّ} وقت الإِسفار إلى وقت طلوع الشَّمس {ولو شاء لجعله} لجعل الظلَّ {ساكناً} ثابتاً دائماً {ثمَّ جعلنا الشمس عليه دليلاً} لأنَّ بالشَّمس يُعرف الظِّلُّ.
{ثم قبضناه} قبضنا الظِّلَّ إلينا بارتفاع الشَّمس {قبضاً يسيراً} قيل: خفيَّاً. وقيل: سهلاً.
{وهو الذي جعل لكم الليل لباساً} يستركم {والنوم سباتاً} راحةً لأبدانكم {وجعل النهار نشوراً} حياة تنتشرون فيه من النَّوم. وقوله: {طهوراً} هو الطَّاهر المُطهِّر.
{لنحيي به} بالماء الذي أنزلناه من السَّماء {بلدة ميتاً} بالجدوبة {ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيَّ كثيراً} جمع إنسيٍّ، وهم الذين سقيناهم المطر.
{ولقد صرفناه} أَيْ: المطر {بينهم} بأنواعه وابلاً، وطشَّاً، ورُهَاماً، ورذاذاً {ليذكروا} ليتذكَّروا به نعمة الله تعالى {فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً} جُحوداً حين قالوا: سُقينا بِنَوء كذا.
{ولو شِئنا لبعثنا في كلِّ قرية نذيراً} لنخفِّف عليك أعباء النبوَّة، ولكن لم نفعل ذلك ليعظم أجرك.
{فلا تطع الكافرين} في هواهم ولا تداهنهم {وجاهدهم به} وجاهد بالقرآن {جهاداً كبيراً} لا يُخالطه فتورٌ.

.تفسير الآيات (53- 55):

{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)}
{وهو الذي مرج البحرين} خلطهما {هذا عذب فرات} شديد العذوبة {وهذا ملحٌ أجاج} شديد الملوحة {وجعل بينهما} بين العذب والمالح {برزخاً} حاجزاً من قدرته حتى لا يختلط أحدهما بالآخر {وحجراً محجوراً} حراماً محرَّماً أن يغلب أحدهما صاحبه.
{وهو الذي خلق من الماء} النُّطفة {بشراً} آدمياً {فجعله نسباً} لا يحلُّ تزوُّجه {وصهراً} يحلُّ تزوُّجه، كابنة العمِّ والخال، وابنهما {وكان ربك قديراً} قادراً على ما يشاء. وقوله: {وكان الكافر على ربه ظهيراً} معيناً للشَّيطان على معصية الله سبحانه.

.تفسير الآية رقم (57):

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57)}
{قل ما أسألكم عليه} على تبليغ الرِّسالة والوحي {من أجر} فيقولون: إنَّه يطلب أموالنا {إلاَّ من شاء} لكن مَنْ شاء {أن يتخذ إلى ربه سبيلاً} بإنفاق ماله.

.تفسير الآيات (59- 60):

{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)}
{فاسأل به خبيراً} فاسأل أيُّها الإنسان الذي لا تعلم صفته خبيراً يخبرك بصفاته.
{وإذا قيل لهم} لهؤلاء المشركين: {اسجدوا للرحمن} وهو اسم الله سبحانه، كانوا لا يعرفونه لذلك قالوا: {وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا} أنت يا محمد {وزادهم} قول القائل لهم: اسجدوا للرَّحمن {نفوراً} عن الإِيمان.

.تفسير الآيات (61- 63):

{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
{تبارك الذي جعل في السماء بروجاً} أَيْ: منازل الكواكب السَّبعة {وجعل فيها سراجاً} وهو الشَّمس.
{وهو الذي جعل الليل والنهار خِلْقَةً} إذا ذهب هذا أتى هذا، فأحدهما يخلف الآخر، فمَنْ فاته عملٌ بالليل فله مُسْتَدْرَكٌ بالنَّهار، وهو قوله: {لمن أراد أن يذكَّر} يذكر الله بصلاةٍ وتسبيحٍ وقراءةٍ {أو أراد شكوراً} شكراًَ لنعمته وطاعته.
{وعباد الرحمن} يعني: خواصَّ عباده {الذين يمشون على الأرض هوناً} بالسَّكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون} بما يكرهونه {قالوا سلاماً} سداداً من القول يسلمون فيه من الإِثم.

.تفسير الآية رقم (65):

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)}
{غراماً} أيْ: شرَّاً لازماً.

.تفسير الآيات (67- 68):

{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)}
{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا} لم يكن إنفاقهم في معصية الله تعالى {ولم يقتروا} لم يمنعوا حقَّ الله سبحانه {وكان} إنفاقهم بين الإِسراف والإِقتار {قوماً} قائماً، قوله: {يلق أثاماً} أَيْ: عقوبةً. وقيل: جزاء الآثام.

.تفسير الآيات (70- 74):

{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}
{يبدّل الله سيئاتهم حسنات} يُبدِّلهم الله بقبائح أعمالهم في الشِّرك محاسن الأعمال في الإسلام، بالشِّرك إيماناً، وبالزِّنا عفَّة وإحصاناً، وبقتل المؤمنين قتل المشركين.
{ومن تاب} أَيْ: عزم على التَّوبة {فإنه يتوب إلى الله متاباً} فينبغي أن يبادر إليها ويتوجَّه بها إلى الله.
{والذين لا يشهدون الزور} لا يشهدون بالكذب {وإذا مرُّوا باللغو مروا كراماً} سمعوا من الكفار الشَّتم والأذى صفحوا وأعرضوا، وهو منسوخ بالقتال على هذا التَّفسير.
{والذين إذا ذكروا} وُعظوا {بآيات ربهم} بالقرآن {لم يخروا عليها صماً وعمياناً} لم يتغافلوا عنها كأنَّهم صمٌّ لم يسمعوها، وعميٌّ لم يروها.
{والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} بأَنْ نراهم مطيعين لك صالحين {واجعلنا للمتقين إماماً} أَيْ: اجعلنا ممَّن يهتدي به المُتَّقون، ويهتدي بالمتَّقين.

.تفسير الآية رقم (75):

{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)}
{أولئك يجزون} يثابون {الغرفة} الدرجة في الجنة {بما صبروا} على طاعة الله سبحانه {ويلقون} ويُستقبلون {فيها} في الغرقة بالتَّحيَّة والسَّلام.

.تفسير الآية رقم (77):

{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}
{قل ما يعبأ بكم} أَيْ: ما يفعل ويصنع، وأيُّ وزنٍ لكم عنده {لولا دعاؤكم} توحيدكم وعبادتكم إياه {فقد كذبتم} يا أهل مكَّة، فخرجتم عن أن يكون لكم عنده مقدار {فسوف يكون} العذاب لازماً لكم.

.سورة الشعراء:

.تفسير الآيات (1- 6):

{طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)}
{طسم} أقسم الله بطَوله وسنائه وملكه.
{تلك} هذه {آيات الكتاب المبين} يعني: القرآن.
{لعلَّك باخعٌ نفسك} قاتلٌ نفسك {ألا يكونوا مؤمنين} لتركهم الإِيمان، وذلك أنَّه لما كذَّبه أهل مكًّة شقَّ عليه ذلك، فأعلمه الله سبحانه أنَّه لو شاء لاضطرهم إلى الإِيمان، فقال: {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} يذلُّون بها، فلا يلوي أحدٌ منهم عنقه إلى معصية الله تعالى.
{وما يأتيهم من ذكرٍ} من وعظٍ {من الرحمن محدث} في الوحي والتَّنزيل.
{فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} فسيعلمون نبأ ذلك، وهو وعيدٌ لهم.